تفاءلوا ولا تتشاءموا

                                          بسم الله الرّحمن الرّحيم

﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ﴾

الحياة .. هبة الله لعباده .. ونعمته على خلقه أجمعين .
.. فالذين يفنون أعمارهم في طاعة الله ، بالعبادة والذكر .. وتعمير أرضه وخدمة عباده ، بفعل الخير والعمل الصالح .. يجزون الجزاء الأوفى .. ويكرمهم ربّهم بسعادتي الدنيا والآخرة ..
والمنشغلون عن الله بغيره .. يموتون كمدا وحسرة .. فلا ينفعهم مال .. ولاأهل .. ولاجاه ..
والشّكوى لغير الله مذلّة .. ولامفرّ من الله إلاّ إليه ..
وقد جاء في الحديث القدسي " عبدي .. أنت تريد وأنا أريد .. فإنّ سلّمت لي في ما أريد ، أكفيتك ماتريد .. وإن لم تسلم لي في ما أريد ، أتعبتك في ما تريد ، ولن يكون إلاما أريد "
ويرحم الله أبا القاسم الشابي :
خُذِ الحياة َ كما جاءتكَ مبتسماًفي كفِّها الغارُ، أو في كفِّها العدمُ
وارقصْ على الوَرِد والأشواكِ متَّئِداًغنَّتْ لكَ الطَّيرُ، أو غنَّت لكَ الرُّجُمُ
واعمل كما جاءت الدنيّا بلا مضضٍوالجم شعورك فيها، إنها صنمُ
فمن تألّم لن ترحم مضاضتهُوَمَنْ تجلّدَ لم تَهْزأ به القمَمُ
فما السّعادة في الدّنيا سوى حُلمناء تضحي له أيّامها الأمم
هذي سعادة ُ دنيانا، فكن رجلاًإن شئْتَها أبَدَ الآباد تبْتَسِمُ
فسعادة الدنيا إذن ، أحلام ..
والأحلام ، تحيي الأمل في النفوس .. والأمل ، يعين صاحبه على الحياة .. واستمرار الحياة ، يسمح بتحقيق الكثير من الأماني ..
نعم .. الأحلام جميلة .. وأجمل منها .. الأحلام الواقعيّة ، الممكنة التّحقيق .. وأحسن منهما وأصدق ..
الإرادة القويّة ، والعمل الجادّ ، مع الصبر الطويل ..
وقبل ذلك كلّه .. إيمان بالله ويقين .. وتوكل على الله بعد عزم متين .. وطمع ورجاء في الله المعين ..
ثم قبول بقضاء .. ورضاء بقدر .. وخضوع لإرادة الله القدير الأقدر ..
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" يا غلام ، إني أُعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سأَلت فاسأَل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأُمة لو اجتمعت على أَن ينفعـوك بشيء ، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء ، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف " .
فياعباد الله .. تفاءلوا ولا تتشاءموا ..
إن التشاؤم داء ، يدمر حياة المتشائمين .. وهو تفكير سلبي ، يدفع الناس لليأس والقنوط ، ثم يقتلهم كمدا .. والفأل الحسن ، تفكيرإجابي ، يفتح أبواب الأمل والفرج .. وخطوة ، على طريق النجاح والفلاح .. ودواء ، يبعث في المتفائلين الحياة ..
.. وماأجمل هذه الأبيات ، التي أعتبرها أحسن تفسير ، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو ينهى المسلمين عن التشاؤم ، ويدعوهم للتفاؤل .. قال الشاعر إليا ابو ماضي :
أيـّها المشتكي ومــا بــك داءكـــيف تــغدو اذا غــــدوت عليلا
إنّ شــر النّفوس نفس يئوسيتمنّى قبل الرّحيل الرّحيلا
ويرى الشوك في الورود ويعمىأن يرى فـــوقها الــندى اكليلا
هــو عبء عـلى الحـياة ثـقــيلمـن يرى في الحـياة عــــبئاً ثقيلاً
والـذي نـفــسه بغـــير جـــمال لا يــرى في الوجــود شيئاً جميلا
كـــن هزاراً في عشه يتغنىومـع الكــــبل لا يبال الكبولا
لا غـــراباً يطــارد الدود في الأرضوبـــوماً في اللـــيل يبــكــي الطلولا
كـن غديراً يسير في الأرض رقراقا فيــسقي من جانــبيه الحـــــــــــقولا
كــن مع الفجر نسمة توسعالأزهار شـــماً وتارة تقبيلا
أيّها المشتكي وما بك داء !كن جميلا تر الوجود جميلا
اللهم إنا نسألك صحة في إيمان ، وإيمانا في حسن خلق ، ونجاحا يتبعه نجاح يتبعه فلاح ، ورحمة منك ، ومفغرة منك ، ورضوانا .. آآآآميييين .