بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة لابد منها ..
﴿ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ ۚ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾
.. وَيْلٌ لِلْعَرَبِ ، مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبْ .. هكذا قال رسول الله في الحديث الصحيح .
و في عجب .. تساءلت أمنا زينب ، مستفسرة عن السبب : .. أَوَ نُهْلَكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ يَا رَسُولَ الله .. قال : .. نَعَمْ ، إِذَا كَثُرَ الخَبَث ..
صدق رسول الله ، وهو الصادق المصدوق .
فقد كثر الخَبَث ، وكثرت الخبائث .. وكثر النجس ، وكثر الرجس .. واستفحلت الخيانة ، وعم الفجور ، وتكاثر أتباع الشياطين .
وقد أخطأ الحكام وما تابوا ، وانحرفوا عن الصراط وما عادوا ، ولجوا في طغيانهم يعمهون ..
وإلا .. فسروا لنا يرحمكم الله .. كيف يستشهد الرئيس محمد مرسي في سجنه ، مريضا ممنوعا من الدواء .. ويُدفن خلسة على جناح السرعة ، أخر الليل في جنح الظلام .. لأنه نُصّب رئيسا شرعيا ، من قِبل الشعب المصري الشقيق ، في ثورة الربيع العربي ؟.. بينما يموت الرئيس حسني مبارك ، في شقته الفاخرة ، وتُقام له جنازة رسمية ، ويُدفن كما يُدفن الكبار .. لأن الشعب المصري ، رفضه وخلعه ، و أسقطته الثورة في الربيع العربي .
وكيف يستشهد الداعية عصام العريان ، أحد كبار حركة الإخوان ، في سجنه ممنوعا من حقه محظورا .. ويُدفن بعيدا عن أهله و أحبائه ، مظلوما مقهورا ؟ .. بينما ، يُحتفى بالراقصات والغواني ، وتقام لهن المآتم والتأبينات ، ومجالس التعازي والدعوات .
وكيف كانت إيران الشاه ، صديقة حبيبة للعرب ، حليفة لهم ؟ .. وقد باعت قضيتها ، وخانت أمتها ، وباتت خادمة طائعة لأعدائها ، أمريكا والكيان الصهيوني العميل .
وكيف أصبحت الجمهورية الإسلامية ، في إيران الإسلام والثورة ، دولة إرهابية شيعية ، مجوسية صفوية .. عدوة للعرب خصيمة لهم ؟ .. وقد حررت بلادها ، واسترجعت سيادتها ، وفرضت منطقها على أعدائها ، وأعلنت الحرب على كل أعداء الإسلام والمسلمين ، وفي مقدمتهم الكيان الصهيوني وشيطانه الرجيم .
وكيف كانت تركيا العلمانية اللائكية ، قبلة للعرب وجنة لهم ومأوى لأمرائهم ؟ .. وقد انسلخت من أصولها ، وتنكرت لدينها ، وارتمت في أحضان أعدائها ، وفتحت أبوابها للكيان الصهيوني ، يفعل فيها ما يريد .
وكيف أصبحت تركيا الإسلامية ، دولة إرهابية متطرفة ، عدوة للعرب وخصيمة لهم ؟ .. وقد قرر رجالها وشجعانها ، أن يستعيدوا المبادرة ، ويعودوا بتركيا إلى أصلها العثماني الإسلامي .. إلى عهد النور ، عهد الخلافة المحمود ، والسلطان الممدود .
وفي الوقت الذي كنا ننتظر فيه صحوة ، تعود بالعرب إلى جادة الصواب ، فيصححون أخطاءهم ، ويحررون قرارهم ، وينصرون قضيتهم ، ويخدمون أمتهم .. تفاجئنا الإمارات العربية ، التي سبق لها وأن صنفت حزب الله المجاهد في لبنان ، وحركة الإخوان الدعوية الوسطية ، وحماس والجهاد الثائرتين في فلسطين .. منظمات إرهابية .. ترعاها دول إرهابية ، هي إيران وتركيا ، وتؤازرهما قطر .
قلت .. في هذا الوقت العصيب ، الذي تحتاج فيه الأمة إلى جميع أبنائها وقدراتها ، تفاجئنا دولة الإمارات ، وتخرج علينا متبرجة ، عارية من كل لبوس ، تتوقح أمام العالم ، وتعلن التطبيع مع إسرائيل ، مستعجلة متحمسة ، لعقد القران مع الكيان الصهيوني الدخيل ، قبل فوات الأوان ونهاية الزمان .. وعلى نفسها جنت براقش .
وكأني بالقدس الشريف ، الذي ضاقت عليه الأرض ، فلم يجد له فيها مكان .. يصرخ بلا كلام ، وينطق بلا لسان :
... فَوَاعَجَبًا لِلعربِ تَهْتِكُ حُرْمَتِي ... وَوَاعَجَبًا لِلْعُجْمِ كَيْفَ تَصَونُ
وكأني برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ينادي من قبره ، متمثلا قول جندي من جنوده :
... أَخِي فِي الهِندِ ، أَخِي في المَغْرِبِ ... أَنَا مِنْك اَنْتَ مِنِّي أنت بِي
... لا تَسَلْ عَنْ عُنْصُرِي عَنْ مَذْهَبِي ... إنَّمَا الإسْلَامُ أُمِّي وأَبِي
وكأني بالإسلام ، يصرخ عاليا ، ويقول بالفم المليان ..
... لا خَيْرَ فِي عَرَبٍ بِغَيْرِ عَقِيدَةٍ ... مَالعُرْبُ والإسْلَامُ لا يَرْعَاهُ
... كالنَّعْمِ تَحْيَا لا تُبَالِي بِالفَنَا ... مادَامَتِ الخَضْرَاءُ والأَمْوَاهُ
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾
وأخيرا .. هل علمتم الآن ، لماذا نحب الجزائر ، رغم ما فيها ؟ .. وهل عرفتم الآن ، لماذا نحترم حكام الجزائر ، رغم ظلمهم وعيوبهم ونقائصهم ؟
لأن القضية الفلسطينية ، بالنسبة إليهم ، خط أحمر ، لا يمكن تجاوزه .. ولأنهم يعتبرون ، إيران وتركيا ، دولتين شقيقتين ، لا يمكن التخلي عنهما أبدا .. ولأنهم رفضوا ويرفضون ، رفضا قاطعا ، أن تصنف هاتان الدولتان ، ومعهما حزب الله وحماس والجهاد وفتح ، كدول وحركات إرهابية .. بل دول إسلامية صامدة ، وحركات إسلامية مقاومة ...
المجد لجزائر الشهداء .. المجد لكل الدول الإسلامية الصامدة .. المجد لكل الشعوب الحية المقاومة ..
﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ، مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ ۖ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ ﴾
صدق الله العظيم ، وبلغ رسوله الأمين ، ونحن على ذلك من الشاهدين .
الإثنين 17 أوت 2020 م
الموافق لـ 27 ذو الحجة 1441 هـ
مدني مزراق