غاباتنا تحترق

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ ۞ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَٰئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ ۖ وَالشُّهَدَاءُ عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾

قال رسول الله ﷺ : " ما تعدُّونَ الشَّهادةَ ؟ قالوا القتلُ في سبيلِ اللَّه تعالى ، فقالَ ﷺ : الشَّهادةُ سبعٌ سوى القتلِ في سبيلِ اللَّهِ ؛ المطعونُ شهيدٌ والغرِقُ شهيدٌ وصاحبُ ذاتِ الجنبِ شهيدٌ والمبطونُ شهيدٌ وصاحبُ الحريقِ شهيدٌ والَّذي يموتُ تحتَ الهدمِ شهيدٌ والمرأةُ تموتُ بِجُمعٍ شهيدةٌ " .. صحيح

ليس في بني الإنسان ، أجود وأكرم ، من رجل يموت ، ليهب لغيره الحياة .. لهذا قال الشاعر :

يَجُودُ بِالنَّفسِ ، إِنْ ضَنَّ البَخِيلُ بِها ... والجُودُ بِالنَّفسِ أَقصَى غَايَةِ الجُودِ

وليس في مشاهد البطولة ، أروع وأعجب ، من أبطال شكلوا جسرا في لهيب الهلاك ، ليعبر غيرهم إلى بر النجاة .. ويرحم الله القائل :

تَقضِي البُطُولَةُ أَن نَمُدَّ جُسُومَنَا ... جِسْرًا ، فَقُل لِرِفَاقِنَا أَن يَعبُرُوا

وليس في صور التضامن والتآزر ، أبهى وأجمل ، من الصور التي يرسمها الجزائريون هذه الأيام ، وهم يهرعون في كل حدب وصوب ، لإغاثة الملهوف وإسعاف المريض وإعانة المنكوب ، حبا في الله ورحمة بأبناء الشعب وحماية للوطن .. ولله ذر القائل :

دَعَاهُمُ الوَطَنُ الغَالِي فَمَـا بَخِلُـوا ... وَأَبْـخَلُ النَّـاسِ مَـنْ يُدعَـى ولَم يُجِـبِ

لُيُوثُ غَابٍ إِذَا مَا ضُويِقُوا وَثَبُوا ... وأَيُّ لَيثٍ لِدَفـعِ الضِّيــقِ لَـم يَثِـبِ

لَهُم نُفُوسٌ إِذَا حَرَّكتَهَا اضْطَرَمَت ... بَعدَ السُّكُونِ اضطِرَامَ الماءِ في اللَّهَبِ

هذا هو الشعب الجزائري ، وهذه هي طينته ، وهذا هو معدنه .. ينتظر وينتظر ، ويصبر ويصطبر ويصابر .. حتى إذا دقت ساعة الحسم ، قال قولته وفعل فعلته ، لا يبالي إلا بما يرضي الله ويخدم الوطن .

اللهم ارحم الموتى واجعلهم في عداد الشهداء ، وعجل يارب بشفاء الجرحى ، وأمدهم بالصحة والعافية .. وارزق أهاليهم الصبر والثبات ، والرضى بقضاء الله فيما فات وماهو آت ، واجعل لنا ولهم بعد هذا العسر، فرجا ويسرا ويسرا .

اللهم احفظ بلادنا من كل شر وسوء ، واجعل لهذه الأمة فتحا ونصرا ، ولا تجعل عاقبتها ذلا و خسرا ... آآآميين ... إنا لله وإنا إليه راجعون .