الحوار الكامل لموقع الحدث


 تحدثت عن لقاء موسع سيجمع قادة الحزب المحل مباشرة بعد تعديل الدستور ؟ عمن تتحدث بالضبط ؟

بسم الله الرحمن الرحيم .. نعم ، أتحدث عن الجميع دون استثناء أو إقصاء .. أتحدث عن الرجال التاريخيين ، والأعضاء المؤسسين للحزب المحل ، و قادة الجيش الإسلامي للإنقاذ المحل ، لأنني أعتقد صادقا ، أنه آن الأوان للّم شمل الجميع ، في مؤتمر جامع ، تتم فيه مناقشة الوضع السياسي ، انطلاقا من معطيات جديدة ، و إنطلاقا من المبادئ التي نؤمن بها ،  و الثوابت و الأخلاق التي قامت علي أساسها الثورة النوفمبرية ، و كذا مناقشة الهفوات و الأخطاء ، وحتى بعض الحماقات التي تم جرّنا إليها .. إنها عملية لمراجعة النفس و تقييم المسار ، دون المساس بالمبادئ الخالدة ، التي قام على أساسها ، المشروع الإسلامي الكبير .

ماذا عن الإتصالات بشأن ترتيب المؤتمر الجامع ؟

بدأنا العمل منذ سنة  2002 ، و كان نقاشنا ، يدور حول إنشاء هيئة سيدة ، تضم المفرج عنهم آنذاك بوخمخم وجدي وقمازي ، وقادة الجيش الإسلامي للإنقاذ ، والهيئة التنفيذية في الخارج ، ومن حضر من أعضاء المجلس الشوري الثابتين .. وكنا قد وصلنا إلى وضع الأرضية و الإطار الجديد ، و كتبنا رسالة بغرض توجيهها للشيخين عباسي وبن حاج داخل السجن ، و اتفقنا على تصفية تركة الماضي التي خلفتها الأزمة ،  وكان نشاطنا يتسارع أحيانا ، و يتباطأ أحيانا أخرى ، بسبب الظروف التي كنا نعيشها .. ورغم أهمية الخطوة التنظيمية وضرورتها ، فقد بقينا نراوح  مكاننا ، نقدم رجلا ونؤخر رجلا .. لهذا السبب قلت فيما مضى ، إن المشكلة ليست في يزيد زرهوني ، وزير الداخلية آنذاك ، و لكنها مشكلتنا نحن أبناء الجبهة الإسلامية للإنقاذ ، و عندما نتفق على صيغة سياسية تنظيمية ، للعمل والنشاط ، سيعود  " الفيس" بشكل أو بآخر .. وإليكم الرسالة والأرضية .

تعاليق كثيرة لمحللين وسياسيين وإعلاميين استنكرت دعوتكم لمشاورات أحمد أويحي كشخصية سياسية؟

مدني مزراق ، جزائري كامل الحقوق ، مثل كل الجزائريين الأحرار ، ولد في الجزائر و تربى في عائلة ثورية أصيلة ، ونشأ في الجبال التي إحتضنت الثورة وعشش فيها الثوار ، قرأ ودرس في المدرسة الجزائرية بدءا بالمدرسة الباديسية ، نشط في التنظيمات الجماهرية الثورية الجادة ، على غرار الكشافة الاسلامية ، دافع عن قضية التعريب في محطات قوية و حاسمة ، و انتقل باكرا الى الحركة الاسلامية ، التي لا ينكر بصماتها في المجتمع الجزائري إلا جاحد أو حاقد ، و مدني مزراق ، انتهى به المطاف الدعوي ، في حزب سياسي معتمد من قبل الدولة الجزائرية ، التي فتحت له المجال ، لينزل الى الساحة بمشروع مجتمعي طموح ،  فخاض الانتخابات التي أشرفت عليها الدولة ، و نجح بأغلبية ساحقة في ثلاث محطات فاصلة ، البلدية و الولائية و البرلمانية ، و أصبح هذا الحزب هو السلطة ، فقد كان يقود و يسير ، أكثر من 850 بلدية و36 مجلسا ولائي ، وبأغلبية برلمانية ساحقة .. نعم ، وصل هذا الحزب إلى السلطة بطريقة شرعية وقانونية لا غبار عليها ، لكن جزائريين مناوئين لنا ، لم يستطيعوا تقبل الهزيمة ، و كبر عليهم الأمر ، فركبوا رؤوسهم وارتكبوا الخطيئة الكبرى ، وقرروا الانقلاب على خيار الشعب السيد ، وزجوا بالبلاد والعباد في دوامة الفوضى والجنون .. فكان الذي كان ، و وقع ما لم يكن في الحسبان .. فأدخل السجن من دخل ، و فرّ بجلده إلى الخارج من فر ، و لجأ إلى الجبال حفاظا على حياته من لجأ ، و بدأ مسلسل القتل والترهيب و التنكيل ، وكان مبدؤنا واضحا وضوح الشمس في كبد السماء ، لم يتغير ولم يتبدل ، قبل وبعد صعودنا إلى الجبال  .. الموقف الشرعي الثابت ، الذي يقضي بالدفاع عن النفس والعرض والمال ، الدفاع  بالطرق والوسائل المشروعة ، التي جاءت بها الأديان السماوية ، و أقرتها القوانين الدولية ، وتعارف عليها بنو الإنسان .. لا نردع إلا من ظلمنا واعتدى علينا ، ولا نقاتل إلا من أجرم في حقنا وسعى مجتهدا لقتلنا ، ولانؤذي أعزلا آمنا ، صغيرا كان أو كبيرا  ، ولا شيخا ولا امرأة ولا طفلا .


زعيم الأرسيدي ومنظمة ضحايا الإرهاب والباترويوت، يرفضون استشارتكم بشأن التعديل الدستوري ..

أولا : الأرسيدي هدى الله رجاله إلى الطريق المستقيم ، كان من ركائز التيار الإستئصالي ، ودعاة إنقاذ الجزائر من الإسلاميين الذين فازوا في الإنتخابات سنة 1991 ... كما هدد بحمل السلاح والصعود إلى الجبال ، إذا وصل الإسلاميون إلى الحكم ، وقد قال زعيمهم للشيخ عباسي ، في حوار تلفزيوني نشطه" مدني عامر" : لن نسمح لكم بالوصول إلى الحكم .. قال ذلك صراحة وأمام كل المشاهدين .. هذه هي الديمقراطية التي يدعوا إليها ، إما هو أو الطوفان .. نسأل الله العفو والعافية لنا ولبلادنا .

وأما الباتريوت فينقسمون إلى قسمين اثنين :
.. الأول ، وهو الأغلبية الساحقة ، حمل السلاح بسبب الإعتداءات والحماقات التي كان يرتكبها طغاة الجماعة المنحرفة ، وبعض الحاقدين من الأطراف الأخرى .. هذه الفئة من الباتريوت ، حملت السلاح في البداية دفاعا عن النفس والعرض ، وهذا حقها ، ثم انخرط رجالها في صفوف رجال الأمن دفاعا وحماية للدولة من الإنهيار ، وهذا واجبهم .. هؤلاء ومن على شاكلتهم في الأطراف الأخرى ، هم الذين تصالحنا معهم وتصالحوا معنا ، وأنقذنا البلاد من الإنتحار الجماعي المبرمج للدولة الجزائرية ، دينا ووطنا وشعبا ..
وعلى إثر إتفاق تم بين قادة الجيش الإسلامي للإنقاذ وقيادات في الجيش الوطني الشعبي ، قرر رئيس الجمهورية أن يستفتي الشعب الجزائري برمته ، في مشروع المصالحة الوطنية والوئام المدني ، الذي صوت عليه الشعب بأكثر من 98 بالمئة ، ثم أصدر السيد الرئيس تبعا لذلك ، مرسوما يقضي بالعفو الخاص ، لكل أفراد الجيش الإسلامي ، مع تمتع كل واحد منهم ، بالحقوق المدنية كاملة غير منقوصة ..
فإذا كان هؤلاء وأولاءك ، يحترمون القوانين ويذعنون لقرارات الدولة ، التي تصدر باسم الشعب السيد ، فالأمر واضح لايستحق النقاش ، وإذا كان لكل رأيه ودويلته الخاصة به ، فأقول لهم : انتبهوا الى ماتقولون وتفعلون ، لأن الكارثة التي حلت بالبلاد ، بدأت بتصريحات طائشة وغير مسؤولة ، كتصريحاتكم اليوم ..

أما الصنف الثاني : فهي زمر الموت ، المتكونة من الدمويين الحاقدين ، وصيادي الجوائز الطامعين ، الذين سارعوا إلى ركوب قطار الإنقلابيين ، الذين أشعلوا نار الحرب وأجرموا في حق الشعب ، من مسؤولين في الدولة قرروا قرارات جهنمية ، وسياسيين أيدوا هذا الطرف أو ذاك ، وإعلاميين صبوا الزيت على النار ، ودمويين مجانين تموقعوا هنا وهناك ، ليصفوا حساباتهم مع الشعب المسلم .. هؤلاء جميعا سنفتح ملفاتهم عندما تصل البلاد إلى بر الأمان وتصبح في حالة صحية تسمح بذلك ...

وأما الفايسبوكيون ، فيعيشون في عالمهم الافتراضي ، عالم الأحلام والأوهام ، وهذا ليس عالمي الذي أحيا فيه ، لأنني لاأقبل بالعيش إلا في الواقع والحقيقة .. أما الذين يستعملون الشبكة العنكبوتية بغرض التعلم والمعرفة ، ونشر القيم الإنسانية الراقية والأخلاق الحميدة العالية ، فهؤلاء مني وأنا منهم ، وقد سبق وعبرت عن نظرتي للشبكة بما يلي : " إن الشبكة العنكبوتية هي مساحة حرة ، لا رقيب فيها ولا حسيب ، إلا نداء الضمير الحي ، والخوف ممن يعلم السر وأخفى ، ويطلع على خائنة الأعين وما تخفي الصدور .. مساحة ، سهّلت على بني الانسان ، ليتعارفوا بينهم ، ويتعلم بعضهم من بعض ، فيأخذوا الصحيح الصالح ، ويتركوا الخبيث الطالح ، ويتحقق فيهم قول الحي القيوم ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ .
.. مساحة ، أتيحت لنا بفضل معجزة الله الناطقة في الأرض ، هذا العقل البشري المبدع ، الذي روّض المادة وطوعها ، وحللها وكشف بعض أسرارها .. وبالبحث والتدقيق في علوم التكنلوجيا .. قرّب البعيد وطوّع الحديد ، وجعل الصلب الثقيل ، مركبا في السماء يطير ، وسفينة عظيمة ، كقرية في عباب البحر تسير ، ونافس الجن في سرعة نقل الخبر ، وتقليب البصر ، وألاعيب الصور ، وعدد ما شئت من الاكتشافات والاختراعات ، التي ينسينا اللاحق منها في السابق .. فسبحان من خلق الانسان ، وعلمه البيان ، وألهمه العلوم ، ولقّنه الأسماء كلها ﴿ قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ﴾ .

وأما الضحايا من جميع الأطراف فأقول لهم : أنا لم أفتخر يوما بقتلي للآخرين ، و يحزنني أن أرى أرملة ثكلى تبكي فقيدها ، أو أختا تبكي فراق أبيها أو أخيها ، أو أما مفجوعة ترثي فلذة كبدها .. لأن الموت ، قاس ومرعب ومؤلم ، حتى وإن كان حقا لابد منه .. وهنا أقولها عبر منبركم :  إذا كان الجرح لا يلتئم حتى يموت ، مدني مزراق ،  ليكون قربانا للجزائريين ، و تحل الأزمة بعد ذلك نهائيا ، فأنا مستعد للموت في ساحة الشهداء بالعاصمة ، والله على ما أقوله شهيد .. جفت الأقلام وطويت الصحف .

البعض مندهش و يقول يستدعى مدني مزراق لمشاورات تعديل الدستور و هو زعيم سابق لتنظيم مسلح و لم يستدع إليها علي بلحاج و هو زعيم سياسي و الرقم الثاني في الحزب المحل ؟

الشيوخ التاريخيون يقابلهم الانقلابيون .. فإذا كان هؤلاء فد اتخذوا قرارا سياسيا خاطئا ، دفع الدرك و الشرطة و الجيش و الحرس البلدي ، ليقتلوا أبناء الشعب .. فأولئك أيضا ، يتحملون مسؤولية قرارهم السياسي في الجانب الآخر .. ولأن رؤوس الدولة الجزائرية توجهوا أولا ، إلى قادة الفيس التاريخيين للتحاور معهم ، مثلما فعل الرئيس الأسبق اليامين زروال ، في سجن البليدة ، قبل دعوتهم إلى ندوة الوفاق الوطني ، التي رفضوا المشاركة فيها بمحض إرادتهم ، انتهاء بالحوار الذي باشره معهم ، الجنرال محمد بشين  سنة 1995 .. ولم يلجأ إلينا رؤوس الدولة ، إلا بعد أن يئسوا تماما ، من إمكانية الوصول إلى نتيجة مع القادة السياسيين ، وعلى هذا الأساس بدأ الحوار بيننا ، و بفضل الله وتوفيقه ، توصلنا في النهاية إلى اتفاق ، كان السبب المباشر ، في استتباب الأمن ورجوع السلم ، الذي تنعم بهما البلاد ، ويعيش في كنفهما العباد .. ولأن الإتفاق الذي وصلنا إليه لم يكتمل تطبيقه بعد ، كان طبيعيا أن تتم دعوتنا إلى المشاورات ..
.. وبخصوص سؤالكم : لماذا اختارت الرئاسة توجيه الدعوة إلينا نحن الثلاثة دون غيرنا ؟ أقول :
إن القراءة المنطقية والموضوعية ، لوضعية الجبهة الإسلامية المحلة اليوم ، تفرز بداهة ما ذهبت إليه الرئاسة ، فأنتم تعلمون جيدا ، أن الجبهة الإسلامية ، انتهت إلى ثلاثة تيارات فعلية وفاعلة .
الأوّل : شرعي تاريخي ، ويضم كل الإخوة المؤسسين ، الذين توقف قطارهم داخل الجبهة في مؤتمر باتنة ، واستمر بعضهم على أقصى تقدير ، إلى بداية  1992.
الثّاني : شرعي فعلي ، أفرزه مؤتمر باتنة ، استمر في قيادة الجبهة بولاء تام ، لستة من الشيوخ المؤسسين التاريخيين سجنوا ظلما وعدوانا .
الثّالث : شرعي فعلي وفاعل ، أفرزه مؤتمر باتنة ، وشارك في كل الإنتصارات التي حققتها الجبهة ، وتأكدت شرعيّته أكثر ، خلال الأحداث التي جاءت بعد الانقلاب ، ثم تربّع على عرش الشّرعية ، بعدما ذُوِّبت الجبهة بقرار من قيادتها ، داخل الجماعة الإسلاميّة المسلّحة " الجيَّا " .. ولولا رجال مؤمنون ، نشأوا على الصدق والوفاء ، والاستعداد للموت في سبيل كلمة الحق .. لكانت الجبهة اليوم ، فصيلا ارهابيا ، يتحمل جميع أوزار الأزمة ، من اختطافات ومجازر ، وقتل الصحفيين والمثقفين والسياسيين ، والعُزَّل الآمنيين ..

أما التيّار الأوّل ، فقد اختارت منه السّلطة ، الشّيخ "الهاشمي سحنوني" ، وأعتقد أنها لم تخطئ .
والتيّار الثّاني ، وبحكم ابتعاد رئيس الجبهة ، الشّيخ "عبّاسي" عن الوطن ، ونظرا لوضعية الشّيخ "عليّ" القضائية ، بمنظور السّلطة ، فقد اختاروا أكبر الجماعة سنًّا ، وأقدمهم نضالا في الحركة الإسلامية ، وأقربهم موقفا في قضية الهدنة ، والمصالحة الوطنية ، وهو الشّيخ "عبد القادر بوخمخم".
والثاّلث ، وهو الفصيل الأهم ، نضالا وتمسّكا بالجبهة الإسلاميّة للإنقاذ ، مازالت قيادته حاضرة ، ورجاله أحرارا في مواقفهم ، يتفاعلون مع كل الأحداث لم يغيبوا عنها يوما ، و يطالبون السّلطة ، بتنفيذ الاتِّفاق المبرم ، بين قيادة "AIS" ورجال الدولة ، والذهاب بالمصالحة إلى نهايتها .. ومن الطبيعي جدا ، أن تختار السلطة رأس التنظيم .. فأين العجب في هذا ، يامن تكتبون وتتكلمون وتحكمون على الشرفاء ، انطلاقا من أمراضكم وأحقادكم وسفاهتكم ؟!.

وبخصوص المقاييس التي تتساءلون عنها أقول :
.. إذا كان من قضى زهرة شبابه ، في النضال والتضحية من أجل دينه ووطنه ومبادئه ، وقاد حزبا في ظروف صعبة ، ووقت قياسي ، وتغلب على النظام سلميا وفاز بكل الانتخابات ، ثم زُجَّ به في السِّجن ظلما وعدوانا .. إذا كان هذا ليس شخصية وطنيَّة ، فمن ذا الذي سيكون كذلك ؟.
وإذا كان من أفنى زهرة شبابه ، في النضال والتضحية ، وشارك بقوة في أخلقة المجتمع طوال سنوات الدعوة ، وقدم مجهودات جبارة ، في قيادة الحزب إلى الانتصارات التي حققها ، ثم وقف صامدا يدافع عن خيار الشعب ، وعن قناعات الأحرار ، معرضا حياته وحياة أهله وإخوانه ، إلى أكبر خطر وهو الموت ، و جهر بشجاعة إيمانية وطنية سياسية ، بموقف الجيش الإسلامي للإنقاذ ، تجاه الكارثة التي غرقت فيها البلاد ، وصعق لهولها العباد ، فأعلن الهدنة وأوقف القتال ، وصنع السلم وأفشى السلام ، وهي الخطوة التي كانت تعتبر حينها ، في نظر الجميع ، سلطة وشعبا ومجتمعا دوليّا ، أضغاث أحلام وضربًا من المستحيل .. و لو لا أن الله سلم ، وأنزل السكينة في قلوب المؤمنين ، وتغمد برحمته كل أبناء الشعب المظلومين والظالمين ، وفتح باب الفرج واسعا ، وعاد بالجزائر من بعيد ، لكنا وأياكم اليوم ، تحت رحمة التدخل الاجنبي ، في دوامة حرب لا تبقي ولا تذر .. فهل نسيتم سنوات النار والدمار ، وجحيم القتل في وضح النهار ؟ أم تناسيتموها ، يامن تقتلون الابرياء وتمشون في جنائزهم .. حقا ، إن اسم الإنسان ، من كثرة النسيان ... أما نحن ، فقد قبلنا بطي الصفحة طاعة لله ، وحبا في الوطن ، ورحمة بالشعب ، لكننا لن نقبل أبدا بتمزيقها .. فإذا كان من ناضل كل هذا النضال ، وقدم كل هذه التضحيات ، ليس شخصية وطنية ، فمن يكون إذن ؟.. وأتوقف ههنا ، لأن الحديث في هذا الموضوع ذو شجون .. وأعدكم بالكتابة إن شاء الله ، في هذا المجال وفي غيره ، بالأسلوب الذي يقنع الباحثين عن الحقيقة ، ويفحم المجادلين بالباطل ، ويسفه الأقزام المتطاولين .... والسلام .

كيف تعلقون على تصريحات عمارة بن يونس فيما يخص عودة الفيس؟

عمارة بن يونس ، قيادي سابق في حزب الآرسيدي العلماني ، وهو رئيس الحركة الشعبية التي تقف ، بدون قيد أوشرط مع الرئيس .. بالنسبة لي ، هو حر ككل الجزائريين فيما يقول ويفعل ، شريطة أن لا يخرق الدستور ويدوس على القوانين ، ولايصطدم بقرارات الدولة الجزائرية وخيارات الشعب السيد .. والذي يهمني في هذا كله ، أن رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة ، قد وجه خطابا إلى كل الجزائريين ،  يدعوهم من خلاله ، للمشاركة في مشاورات ونقاشات مفتوحة ، بهدف الوصول إلى صياغة دستور توافقي جامع .. وقد كلف بهذه المهمة المصيرية ، الأخ أحمد أويحيى ، الذي رغم خلافنا معه ، يبقى في أعيننا ذلك المسؤول الحازم المنضبط ، الأمر الذي يضفي الكثير من الجدية على جولات الحوار المنتظر .. على إثر هذا ، تلقت قيادات في الجبهة الإسلامية المحلة ، دعوات رسمية للمشاركة في النقاش المرتقب ، وتقديم التصورات والمقترحات والقناعات التي تملكها ، وقد كلمني الأخ أحمد أويحي في الهاتف ، وقدم لي الدعوة باسم رئيس الجمهورية مشكورا ، ثم كانت لي فرصة اللقاء معه وديا يوم السبت الماضي ، برئاسة الجمهورية ، أين جلسنا نتحدث في جو أخوي تصالحي ، تبادلنا خلاله أطراف الحديث طويلا ، وعرفت منه أن الرئيس شفاه الله وعافاه ، جاد كل الجد في طرحه ومسعاه ، وهو يريد حقا وصدقا ، أن يجمع كل الجرائريين على كلمة سواء ، تسمح وتسهل على الصادقين المخلصين للشعب والوطن ، أن يتعاونوا معا وسويا ، وجنبا إلي جنب ، في تصحيح الأخطاء ، وبناء وتطوير الجزائر ، من دون إقصاء أو تهميش ... والله المستعان وعليه التكلان .

ماذا تقول لمن يرفض الجلوس إليكم حول طاولة واحدة ؟

 لن أخاطب هؤلاء ، لأنهم ببساطة ، أصغر وأهون من أن يهتم لأمرهم .. بل أفضل مخاطبة الشعب الجزائري السيد مباشرة ، لأقول له ، سواء كان في صفنا أو في صف خصومنا ، أن كلامنا عن المحنة القاسية ، والأحداث الدامية ، لا نقصد من ورائه  ، نكأ الجراح وإيقاظ الضغائن ، و لانتكلم أبدا بدافع الحقد و الكراهية ، لأن ديننا ومروءتنا لا يسمحان بهذا .. لكننا نقول ما نقول ، بغرض تنقية الجراح في كل مرة ، حتى تلتئم وتتعافى نهائيا .. لهذا أأكد ، لكل عائلة فقدت عزيزا أو قريبا ، جراء الماساة الوطنية التي عاشتها البلاد ، أننا لم نسمح  أبدا بإلحاق الأذى ، بالعزل الآمنين من الرجال ، فضلا عن الشيوخ والنساء والأطفال ، ولم نقاتل إلا دفاعا عن أنفسنا وأعراضنا ، ولم نطلق النار إلا على الذين لاحقونا وأصروا على قتلنا .. رغم هذا ، نحن نشعر بآلام عائلات الضحايا من كل الأطراف ، ونتفهم غضبهم وسخطهم ، وقد اعتذرنا لهم جميعا دون استثناء ، عملا بتعاليم ديننا الحنيف ، ورحمة بالشعب الجريح ، وحماية للوطن المفدى .. كل هذا فعلناه ، وسنفعل غيره إذا اقتضت مصلحة البلاد والعباد ذلك .. لكن الظالم المعتدي ، سيبقى في ميزان الحق ، ظالما معتديا ، إلى أن يعترف بأفعاله ، وينصف الذين ظلمهم واعتدى عليهم .. كما سيبقى المظلوم المعتدى عليه ، في ميزان الحق والعدل ، مظلوما ومعتدى عليه ، إلى أن ينصفوه ويعترفوا له بحقه .. وهاهي الأحداث لم تخفى عليكم ، وهاهم صناعها معروفون لديكم .. فإن شهدتم وحكمتم بالحق ، فلكم .. وإن شهدتم وحكمتم بالباطل ، فعليكم .. واعلموا أن التاريخ لا يرحم ، وأن الله لا يغفل ولا ينام ، وأن الحساب سيكون عاجلا او آجلا .. إن لم يكن في الدنيا ، فسيكون قطعا في الآخرة ، يوم لا ينفع مال ولا بنون ، إلا من أتى الله بقلب سليم ... هذا ، وآخر الكلام ، التحية والسلام .