الخبر .. نضال مستمر


هذا المقال هو عبارة عن اعتراض وشهادة .. اعتراض على ماكتبه الوزير الأول ، ورئيس النقابة ، بمناسبة الذكرى العشرين لتأسيس جريدة الخبر ، وشهادة قدمتُها تقييما للمسار المهني للجريدة .

                              بسم الله الرحمن الرحيم

بعيدا عن الحقد والضغينة والمجاملة و النفاق , وضعت الأفكار ورتبتها ثم سودت الكلمات .
فقلت : جريدة الخبر .. نضال مستمر ، يذكرني بالأفراح و الأتراح وبالعبر .
أما الأفراح .. فأيام الإنفتاح والتعددية ، والإنتخابات النزيهة والإعلام الحر .
وأما الأتراح .. فالإنقلاب على إرادة الشعب ، والقهر والمطاردة ، ثم الحرب التي أضرموها وأجبرونا على ولوجها .
وبحكم الحق والإنتماء والدين ، تموقعت في صف الأغلبية الفائزة ، و بحجة الحفاظ على الدولة والدفاع عن الجمهورية ، والخوف على الديموقراطية من الظلاميين ، كان طبيعيا أن تكون الخبر في صف الإنقلابيين ..
وفي زحمة الأحداث والفوضى العارمة ، والوضع المتأزم المحتقن .. اهتبل الحاقدون من عملاء الطابور الخامس ، فرصة غياب الدولة ، فجيشوا مجموعات مشبوهة ، انتهجت سياسة الأرض المحروقة ، إقتداء بالمنظمة الاستعمارية الإرهابية OAS ، فكان المقتول والمفقود والمطرود والمنفي والمسجون ، وكان النهب والسلب والحرق وانتهاك الأعراض .. شجعهم وأعانهم على فعلتهم ، ونفذ بعضا من مخططاتهم ، مجموعات من الجهلة والمنحرفين وشذاذ الآفاق ، انتسبوا إلى الحركة الاسلامية ظلما وزورا وبهتانا ،  وحسبنا الله ونعم الوكيل .
فحاربنا بالسلاح مكرهين ، من حرص واجتهد في قتلنا .. و رغم أننا حاولنا جهدنا ، حماية الشعب الأعزل الآمن ، الذي وجد نفسه فريسة سهلة ، لكل متربص حاقد يسعى لتصفية الحساب . فقد حزنّا لكل ضحية ولأهلها وتألمنا ، وكذلك أهلنا إلى اليوم يتألمون ، فإلى الله المشتكى وهو المستعان وعليه التكلان .
.. ومع الأيام وتوالي الأعوام .. ظهرت المكيدة وعظم الخطر ، فاستيقظ الناس واستخلصوا العبر .. حينها أدركتُ وأدرك الأحرار و كذلك أدركتِ الخبر .. بأن السلم وحده من يكشف المخربين والأعداء في داخل البلاد وخارجها . وهو وحده من يهزمهم ، بعقول وأقلام وأسلحة الخيرين من أبناءالجزائر البررة ، في أي موقع كانوا وعلى أي ثغر رابطوا .. فكانت المصالحة ، وتجلى الأمان ، وعاد الأمل .

وعلى طريق المصالحة سرنا ، وعليه سارت الخبر .. فكان التقارب والتحاور والنقاش ، ومع الوقت والوقت جزء من العلاج ، تأكد لدينا ، أن اختلاف الرؤى وتعدد الطروحات بين الجزائريين الأقحاح ، لا يفسد للود قضية ، بل هو تنوع وتدافع من أجل أن تكون الجزائر أقوى وأحسن ، بشرط ألا تستعمل الاسلاليب والوسائل الغير مشروعة .. وعلى هذا الأساس تحملنا كثيرا من الأذى ، وصبرنا على مختلف التجاوزات .. وعلى ذات الأساس فتحت الخبر صفحاتها للموالاة مثلما فعلت للمعارضة ، وبالقدر الذي أبرزت فيه قرارات الحكومة ، أصرت وعاندت في إظهار مواقف ومطالب المحتجين ..
صراحة .. أحب عناوين أخرى لدفاعها عن الثوابت والقيم .. وأفضل الخبر لاحترافيتها ومهنيتها العالية ، ونضالها المتواصل ، في سبيل الوصول إلى دولة الحق والقانون ، والتعددية السياسية والنقابية وحرية التعبير .
هذا ما شهدناه وعايشناه ، وعلى ضوء ذلك حكمنا .. والسرائر يتولاها الله ( وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين ) .
واليوم .. لو سألنا ورتلان ؟ عن قوله : أيها السلم تجلى .. لصاح من قبره عمر : أيها السلم .. أنصف وأعدل ، واجمع ولا تفرق ، فإن الفرقة بين أبناء الأمة عذاب ووهن . والصلح .. رحمة وقوة ، به تكون البلاد آمنة وبه يسود الشعب ويحترم .
و لكتب لأصحاب الجريدة وقرائها :
إذا أردتم التفوق والنجاح المستمر .. ففرقوا بين الشتم والنقد ، والتحليل والرأي ، وبين الإشاعة وبين الخبر .
كونوا بحق أبناء أم إ سمها الجزائر .. تنتصر بأبنائها جميعا وبهم جميعا تفتخر .
.. بقول الإله ، وهدي النبي ، ورأي الغيور أختم الكتاب وأرفع القلم .

( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ )

( لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى )
( كلكم لآدم وآدم من تراب )

بلدي الجزائر إننا بشبابنا نبني الوطن
و بديننا وكتابنا نقضي على كل الفتن
وستطلعين فتية رغم المصائب والمحن
لبيك .. لو هب الرجال لأسرجوا ظهر السما
في ذكراك العشرين ، لك مني التحية و السلام .. و مبروك لك التفوق والنجاح ، و أسأل الله لي ولك ولكل الجزائريين ، الأمن والأمان والصلاح والفلاح .
                                                                                 مدني مزراق